Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الصحراء الغربية تحت الحكم الذاتي
16 mai 2007

مستقبل التفاوض

د.عبد الرحمان غانمي

يومية المغربية  14.05.2007

بصدور قرار مجلس الأمن رقم 1754 الذي يدعو إلى إجراء تفاوض مباشر بين المغرب وبوليساريو، يكون ملف الصحراء المغربية قد دخل منعطفا جديدا.

لكنه مثقل بمخلفات أزيد من ثلاثين سنة من النزاع المخلوطة بالنزاعات العسكرية والسياسية بين المغرب وجبهة بوليساريو المسنودة بشكل مباشر ودائم، من قبل الجزائر، كل هذا لا يمكن التخلص منه بجرة قلم سريعة، ما يفرض تعاملات تستشعر كل المعطيات، الإقليمية والدولية، التي تطرح نقط القوة، ومصدر الإزعاج للموقف المغربي ونهجه السياسي.

إن الاحتكام إلى طاولة المفاوضات، ليس أمرا هينا، ذلك أن المغرب لن يكون في مواجهة بوليساريو فقط، وإن كانت هي التي تظهر على مسرح الأحداث كمخاطب أحادي، وبالتالي فإن الجزائر لا يمكن أن تختار بسهولة الهامش أو الرف، وبذلك فإنها لابد وأن تحوز على موقع يمكنها من متابعة وتوجيه تيار المفاوضات في ضوء نوع من »الرؤية من الخلف« المتحكم في القرار والمدبر له.

وبدون شك، فإن المغرب حين قبل بمبدأ التفاوض وسبيل الحوار لإيجاد حل سياسي نهائي للنزاع القائم في جنوب المغرب، حول جزء من أرضه، من منظور مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، فإنه يغلب رؤية استراتيجية تضمن مصالح منطقتنا برمتها، بعيدا عن كل الهزات الطارئة، والمشاكل المصطنعة مثل قضية الصحراء المغربية، التي عطلت وأجلت بناء وهيكلة مشروع المغرب العربي.

حيث جاء في الفقرة الرابعة عشر ما يلي : »تحتفظ الدولة باختصاصات حصرية، خاصة منها ما يلي : مقومات السيادة، لاسيما العلم والنشيد الوطني والعملة ؛ المقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية والدينية للملك، بصفته أمير المؤمنين والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية وللحريات الفردية والجماعية؛ الأمن الوطني والدفاع الخارجي والوحدة الترابية ؛ العلاقات الخارجية ؛ النظام القضائي للمملكة.

ولسنا في حاجة، هنا، إلى أن نذكر بأن "المبادرة" التي تقدمت بها البوليساريو، ما هي، إلا محاولة بائسة للتشويش على المشروع المغربي وخلخلة أسسه ومنظوراته، ولجم هذا المد الديبلوماسي المغربي الجديد، في أفق الانقضاض عليه، إن تأتى لخصوم وحدتنا الترابية ما يهفون إليه، خصوصا وأن جبهة البوليساريو رددت تلك التعبيرات المتداولة التي تحض على المطالبة بتقرير المصير، مع إضافة ما اعتبرته امتيازا، في علاقاتها مع المغرب.

وبدوره فإن المغرب يتحدث بوضوح عن إطار مشروع الحكم الذاتي كوسيلة لتقرير المصير، كل هذا يتم في ضوء تصوره الحريص على التجميع والتوحيد والتعضيد المتناقض كليا مع المنظور الاستعماري القائم على التشتيت والتشرذم والتجزيء؛ وإذا كانت البوليساريو ومعها النظام الجزائري (يؤكدان) على الطابع الاستعماري، بخصوص استعادة المغرب لحقوقه التاريخية في أرضه، فإن بلدنا لا يمكن أبدا إلا أن يرى على غرار التصورات السليمة لمغزى التحرير، أن القضية لها امتداد للإرث الاستعماري، وأن ما يقوم به هو تصفية الاستعمار، وأنه كان ضحية لهذا الواقع، ولا يمكن لأي بلد أن يكون محتلا لأرضه باستعادتها، وهو المنطق المعكوس والمزيف الذي دأب خصوم وحدتنا الترابية على ترويجه وإشاعته، دون أن يتمكنوا من إضفاء أي شكل من أشكال (الشرعية)، عليه

وحين يتوجه المغرب إلى الحوار، فإنه يدرك جيدا مدى الصعوبات والعوائق التي قد تعترض طريقه، وفي هذا الإطار، فإن قيمة التفاوض تتجلى بالأساس في النتائج التي تنجم عنه، وليس في الوقت الذي قد يستغرقه، ودور الأطراف المعنية والمنشغلة بالموضوع تبعا لحساباتها وأولوياتها ومصالحها الاستراتيجية بالدرجة الأولى، ذلك أنه من الناحية الجيو-سياسيا واستراتيجيا، لا يمكن لدول الجوار، ودول أخرى أن تتفرج على تطور حَدَثِية التفاوض وتفاصيله وخلاصاته.

وإذا كان لحد الساعة ليس من المعلوم، ما ستحفل به شكليات التفاوض وإجراءات ذلك، والأطراف الراعية له ومكانه، فإنه سيكون من الأمثل اختيار مكان محايد بأوربا مثل جنيف، التي لها تراث زاخر في هذا المجال، من حيث عقد العديد من الاتفاقيات والتعهدات الثنائية أو القارية أو الأممية، لما للمكان من دلالات في مجرى الحوار والتفاوض واستخلاص النتائج.

هذا، علاوة على إيلاء أهمية للدول التي ستشارك في »مؤتمر« التفاوض والحوار بين المغرب والبوليساريو، وبالتالي فإن دول المغرب العربي معنية بشكل مباشر بالحضور ومتابعة تطورات التفاوض وكذا إشراكها لأنها جزء من المنطقة، وتشكل عامل توازن واستقرار بها، مع ما تشهده من تغييرات سياسية، خصوصا في موريتانيا التي عاشت تجربة ديمقراطية لافتة، مع أخذ العوامل المحيطة بالمغرب جغرافيا وسياسيا، بعين الاعتبار، بوجود الاشتراكيين الإسبانيين على رأس الحكم غير المناوئين للمغرب، وبصعود سلطة جديدة بفرنسا، بفوز ساركوزي، ولاندحار إدارة أميركية لم تعد مغادرتها للبيت الأبيض، إلا مسألة وقت، وهي إدارة أثخنت الكثير من الجراحات في عديد من مناطق العالم وفي مقدمتها الدول العربية الإسلامية.

وهكذا سيبقى مطروحا على المغرب كيفية الخروج من هذا الامتحان الجديد بسلام، أي تكريس وحدته الترابية وفسح المجال لكل المبتعدين للإنخراط في البناء المشترك، وعدم الخضوع لأي ابتزاز أو مأزق عاجّ بالمغامرة.

٭كاتب جامعي مغربي

وصلة إلى الموضوع

http://www.almaghribia.ma/Paper/Article.asp?idr=12&idrs=12&id=40695

 

Publicité
Publicité
Commentaires
الصحراء الغربية تحت الحكم الذاتي
Publicité
Archives
  • 2007
Publicité