Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الصحراء الغربية تحت الحكم الذاتي
8 mai 2007

نزاع الصحراء الغربية وحق تقرير المصير

    الحياة     - 05/05/07

تشكل مسألة الصحراء الغربية إحدى أقدم النزاعات في العالم العربي بين القوتين العظميين في شمال افريقيا، المغرب والجزائر. وفي حين ركز المغرب دائماً على سيادته ووحدة أراضيه، لا تزال الجزائر تروّج لحق انفصال الشعب الصحراوي، على أساس أنه «مسألة مبدأ». وقد أثّر النزاع بشكل سلبي على تقدم مجتمعات في شمال أفريقيا وتطورها ككتلة اقتصادية وسياسية، كما فرض جوا عدائيا بين القوتين في المناطق الفرعية في المغرب.

ولطالما أصر المغرب على أن الصحراء الغربية تشكل جزءاً لا يتجزأ من الأراضي المغربية وعلى أن قرار محكمة العدل الدولية في العام 1976 أكد على العلاقات التاريخية التي ربطت القبائل الصحراوية بالسلطة المركزية على مرّ العصور. ولا تزال «الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب» (البوليساريو) الموجودة بشكل كبير في الجزائر والتي تمولها الحكومة الجزائرية وتزودها بالسلاح، تنادي بحق الانفصال عن الصحراء الغربية عبر الاستفتاء.

وعلى مرّ العقدين الماضيين، أبقت الأمم المتحدة قوات تابعة لها في الصحراء الغربية، أولا بهدف تنظيم استفتاء حول تقرير المصير. واقترح موفد الأمم المتحدة السابق جيمس بيكر سنة 2003 خطة لـ «تقرير مصير شعب الصحراء الغربية» فرفضها المغرب لأنها مر عليها الزمن. واتبعت الخطة صيغة الحكم الذاتي على مدى أربع سنوات على غرار الخطة التي طرحت في العام 2001 باستثناء أن آخر استفتاء تضمن خيار الاستقلال.

وفي 31 (اكتوبر) 2006، اصدر مجلس الأمن القرار 1720، مشدداً على التزامه مساعدة الفريقين لبلوغ حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، يؤمن تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية. وحافظت الأمم المتحدة على مرّ السنوات على مقاربة براغماتية فدعت الأطراف كافة بما في ذلك الجزائر، كونها جزءاً من الصراع، إلى التوصّل إلى حل يقبله الطرفان فيما يتم دعم حق تقرير المصير للشعب الصحراوي.

وفي أواخر العام 2006، أجرى المغرب حوارا داخليا بين الصحراويين حول آليات تقرير المصير. وطوّر المجلس الاستشاري في الشؤون الصحراوية، الذي يضم عدداً من وجهاء الصحراء، خطة جديدة بعد استشارة الصحراويين حول تقرير المصير، وقد تم فهمها على أنها حكم ذاتي كامل تحت مظلة المغرب. وخلال شهر شباط (فبراير) الماضي، أعلم المغرب شفهيا مسؤولين من عدد من الدول، ومن ضمنها إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بخطة تقرير المصير. وأُحيل الاقتراح بعد سنتين من تحضيره إلى مجلس الأمن في شهر ابريل

ويشكل حق تقرير المصير أحد أهم الحقوق، ولربما الأكثر جدلاً، لأنه الطريق الذي من خلاله حققت الدول الأفريقية استقلالها عن الاستعمار. والى يومنا هذا، يستكمل عدد كبير من المجموعات الإثنية، بعضه من العالم العربي، استخدام تقرير المصير للمطالبة بالحكم الذاتي و/أو الاستقلال.

وقد أثار السؤال عما إذا كان من الممكن فرض حق تقرير المصير بصورة قانونية نقاشاً حاداً في الأمم المتحدة لدى كتابة شرعة حقوق الإنسان. وكانت نتيجة الجدل تفرّع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى فرعين، الجزء الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والجزء الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وشكل موضوع الخلاف الذي ينظر الى تقرير المصير على أساس أنه مبدأ سياسي وليس حقاً، قاعدة معارضة البلدان الغربية إدخاله في الفرعين. واعتبر الغرب أن تقرير المصير لا يتناسب مع معاهدة حقوق الإنسان التي تقوم على حماية الحق الفردي والجماعي، فعجزت لجنة حقوق الإنسان عن فرضه بالطريقة نفسها التي تم بها فرض الحقوق الفردية. كما برزت انتقادات أخرى تتعلق بالوجه الاقتصادي لحق تقرير المصير. لكن الغرب شارك في كتابة نص المادة الأولى في الجزءين. وتشير إلى أن تقرير المصير هو حق مدني وسياسي وحق اقتصادي واجتماعي وثقافي.

من جهة أخرى، برز نقاش حاد حول مسألة الأقليات (الإثنية أو الأخرى) وما إذا كان يجب إعطاؤها حق تقرير المصير. وقد وُضع اقتراح الاتحاد السوفياتي الذي طالب بالتعامل مع حماية الأقليات في إطار حق تقرير المصير تحت المادة الأولى، إذ أن تأمين حقوق الأقليات وارد في تدبير منفصل نصّت عليه المادة 27 في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يلحظ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تدبيراً لفرض حق تقرير المصير شرعياً من خلال تقديم الشكاوى الفردية التابعة للبروتوكول الأول الاختياري، على رغم أن اللجنة التي انعقدت في الحالات السابقة اعتبرت أن البروتوكول الأول الاختياري يقبل تقديم الشكاوى المتعلقة بخرق الحقوق الفردية التي تم إرساؤها في القسم الثاني من العهد، من المادة 6 إلى المادة 27. ويتعيّن على المجموعات التي تحاول أن تحصل على حق تقرير المصير أن تعتمد على إجراءات التواصل داخل الدولة وعلى تقارير الدولة لتوضيح التفسير الذي قدمته اللجنة بخصوص هذا الحق في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

من جهة أخرى، أكدت اللجنة الأفريقية أن الشعوب كافة تملك حق تقرير المصير. وأعلنت أنه من الممكن ممارسة هذا الحق بأي من هذه الطرق: الاستقلال أو التحالف أو الوحدة أو أي شكل آخر من العلاقات التي تتلاءم ورغبات الشعب لكن يجب أن تطّلع بالكامل على المبادئ الأخرى المعترف بها كالسيادة ووحدة الأراضي. كما اقترحت اللجنة أن المكان الذي يعمد فيه الناس إلى خرق حق المشاركة في الحكومة قد يسجل خروقات أخرى على مستوى حقوق الإنسان، إذ من الممكن أن يبرز حق تقرير المصير على شكل انفصال محتمل في إطار الشرعة الأفريقية الخاصة بحقوق الإنسان والشعب. وعلى رغم أن اللجنة اعترفت بشكل صحيح بالعلاقة الوثيقة التي تجمع حق تقرير المصير وحق المشاركة في الحكومة، بحسب ما نصّت عليه المادة 20 والمادة 13، فقد حرصت أيضاً على التشديد على مهمتها في دعم الوجه الأساسي لمبادئ وحدة الأراضي والسيادة.

وأعلن قرار القاهرة الذي اعتمدته منظمة الوحدة الأفريقية في العام 1964، التي باتت اليوم الاتحاد الأفريقي، أن الدول الأعضاء كافة تلتزم احترام الحدود الحالية في بلوغ الاستقلال الوطني بطريقة تكون متناسقة مع مبادئ السيادة ووحدة الأراضي في شرعة منظمة الوحدة الأفريقية. وفي حين يُنظر إلى قرار القاهرة على أنه سياسي، لا يزال مهماً تحديد المعيار الذي سيسمح بتطبيق تقرير المصير في افريقيا بعد تطبيق تقرير المصير في المرحلة التي تتبع الاستعمار.

وجاء صدور قرار القاهرة في أعقاب الصراعات على الحدود التي شهدتها بداية العام 1963. ومنذ قرار القاهرة، منعت المطالبة بتقرير المصير على شكل انفصال تحت الشرعة الأفريقية الخاصة بحقوق الإنسان والشعب لمصلحة مطالب من الممكن تطبيقها من دون تغيير الحدود الحالية للدولة. ويعتبر قرار القاهرة والقرارات التي رشحت بمثابة موافقة ضمنية على الاستقلال مع العلم أنه لا يمكن تطبيقه إلا بالتناسق مع المادة 3 من شرعة منظمة الوحدة الأفريقية السابقة. بمعنى آخر، منذ أن تم الاعتراف بتقرير المصير على أنه حق شرعي، بحسب الشرعة الأفريقية الخاصة بحقوق الإنسان والشعب، اقترحت مطالب منع الانفصال الموافقة على المطالب الأخرى لتقرير المصير، من تلك التي لا تتناقض مع السيادة ووحدة أراضي الدول.

لقد حان الوقت لأن تمنح الجزائر فرصة للخطة المغربية الجديدة لتقرير مصير شعب الصحراء لتدخل حيز التنفيذ وتسمح بالتالي للمجتمعات المغربية بمواجهة التحديات بما في ذلك التقدم الاقتصادي والأمية وإرساء حكم القانون والانتقال السلمي إلى السلطة وتعزيز مؤسسات الحكومة. إن حجة دعم حق الاستقلال على أساس أنها «مسألة مبدأ» عبر تمويل جبهة البوليساريو، وتزويدها بالسلاح، لا تؤدي سوى الى تقويض شرعية المطلب الجزائري. وتحتاج منطقة المغرب إلى المضي قدما في اتجاه مختلف يسمح لها بالوقوف أمام الاتحاد الأوروبي ككتلة اقتصادية وسياسية وذلك من أجل راحة ورفاه شعوبها. ويلحق الاستمرار في رفض التوصل الى حل لقضية الشعب الصحراوي ضرراً بالغاً باتحاد دول المغرب، كما يؤخر تقدم شعوب المنطقة ويطيل المعاناة الإنسانية التي تُثقل كاهل الشعب الصحراوي في المخيمات الجزائرية في تيندوف.

عبد الرحيم صابر 

كاتب مغربي ومراقب حقوقي سابق مع المفوضية السامية لحقوق الانسان

Publicité
Publicité
Commentaires
الصحراء الغربية تحت الحكم الذاتي
Publicité
Archives
  • 2007
Publicité